سورة الطلاق - تفسير أيسر التفاسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الطلاق)


        


{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1)}
{بِفَاحِشَةٍ} {ياأيها}
(1)- (طَلَّقَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ عُمَرُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَتَغَيَّظَ الرَّسُولُ، وَقَالَ لَهُ: لِيُرَاجِعْهَا ثُمَّ يُمْسِكُهَا حَتَّى تَطْهرَ، ثُمَّ تَحِيضُ فَتَطْهرُ، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِراً قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، فَتِلْكَ هِيَ العِدَّةُ التِي أَمََرَ تَعَالَى أَنْ يُطَلِّقَ النِّسَاءُ لَهَا).
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسِ: لا يُطَلِقُهَا وَهِيَ حَائِضٌ، وَلا في طُهْرٍ قَدْ جَامَعَهَا فِيهِ، وَلَكِنْ يَتْرُكُها حَتَّى إِذَا حَاضَتْ وَطَهُرَتْ طَلّقَهَا تَطْلِيقَةَ.
وَهَذَا الطَّلاقُ يَتَعَلقُ بِالنِّسَاءِ المَدْخُولِ بِهِنَّ، ذَوَاتِ الحَيْضِ، أَمَّا غَيْرُ المَدْخُولِ بِهِنَّ فَلا عِدَّةَ عَلَيْهِنَّ. وَالنِّسَاءُ المَدْخُولُ بِهِنَّ مِنْ غَيْرِ ذَوَاتِ الحَيْضِ كَالآيِسَاتِ، وَغَيْرِ البَالِغَاتِ فَلَهُنَّ حُكْمٌ خَاصٌّ.
ثُمَّ أَمَرَ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ بِإِحْصَاءِ العِدَّةِ، وَمَعْرِفَةِ ابْتِدَائِهَا وَانْتِهَائِهَا لِئَلاً تَطُولَ عَلَى المَرْأَةِ، كَمَا أَمَرَهُمْ بِحِفْظِ الأَحْكَامِ وَالحُقُوقِ التِي تَجِبُ فِيهَا.
وَقَدْ خَصَّ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ بِالنِّدَاءِ لأَنَّهُ إِمَامُ أُمَّتِهِ، وَقُدْوَتُهَا. ثُمَّ أَمَرَ اللهُ المُؤْمِنيِنَ بِخَشْيَةِ اللهِ وَخَوْفِهِ وَتَقْوَاهُ، وَأَمَرَهُمْ بِأَلا يَعْصوهُ فِيمَا أَمَرَهُمْ مِنْ طَلاقِ النِّسَاءِ لِعِدَّتِهِنَّ، وَفِي القِيَامِ بِحُقُوقِ المُعْتَدَّاتِ، وَأَنْ لا يُخْرِجُوا النِّسَاءَ المُعْتَدَّاتِ مِنَ المَسَاكِنِ، التِي كَانَ الأَزْوَاجُ يُسَاكِنُونَهُنَّ فِيهَا قَبْلَ الطَّلاقِ، فَهَذِهِ السُّكْنَى حَقٌّ وَاجِبٌ أَوْجَبَهُ اللهُ تَعَالَى لِلزَّوْجَاتِ، فَلا يَجُوزُ تَعَدِّي هَذَا الحَقِّ إِلا لِضَرُورَةٍ كَانْهِدَامِ المَنْزِلِ أَوِ الحَرِيقِ.
وَلا تَخْرُجُ المُعْتَدَّاتُ إِلا لِضَرُورَةٍ، أَوِ بِسَبَبِ الإِتْيَانِ بِفَاحِشَةٍ مَبَيِّنَةٍ تُوجِبُ حَدّاً مِنْ زِنىً أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، أَوْ لِبَذَاءَةِ لِسَانٍ، أَوْ لِسُوءِ خُلُقٍ.
وَهَذِهِ الأَحْكَامُ التِي يُبَيِّنُهَا اللهُ تَعَالَى مِنَ الطَّلاقِ لِلعِدَّةِ، وَمِنْ إِحْصَاءِ العِدَّةِ، وَالأَمْرِ بِاتِّقَاءِ اللهِ، وَعَدَمِ إِخْرَاجِ المُطَلِّقَةِ مِنْ بَيْتِهَا إِلا لِسَبَبِ وَجِيهٍ، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ حُدُودِ اللهِ التِي حَدَّهَا لِلمُؤْمِنِينَ، وَعَلَيْهِمْ أَلا يَتَعْدَّوْهَا، وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ، وَأَضَرَّ بِهَا، وَلا يَعْلَمُ الزَّوْجُ فَقَدْ يُحَوِّلُ اللهُ قَلْبَهُ مِنَ البُغْضِ لِلْمُطَلَّقَةِ، إِلَى المَحَبَّةِ فَيَنْدَمُ عَلَى فِرَاقِهَا، إِذَا كَانَ قَدْ أَخْرَجَهَا، لأَنَّهُ لا يَسْتَطِيعُ مُرَاجَعَتَهَا.
فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ- مُسْتَقْبِلاتٍ لِعِدَّتِهِنَّ- الطهْرِ.
أَحْصُوا العِدَّةَ- اضْبِطُوهَا واسْتَكْمِلُوا ثَلاثَةَ قرُوءٍ.
بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ- بِمَعْصِيَةٍ كَبِيرَةٍ ظَاهِرَةٍ.


{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2)}
{الشهادة}
(2) فإِذَا بَلَغَتِ المُعْتَدَّاتُ أَجَلَهُنَّ وَشَارَفَتْ عِدَّتُهُنَّ عَلَى الانْقِضَاءِ (وَلَكِنْ لَمْ تَنْتَهِ العِدَّةُ تَمَاماً)، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَعْزِمَ إِمَّا عَلَى إِمْسَاكِهَا، وَإِعَادَتِهَا إِلَى عَصْمَتِهِ، وَمُعَامَلَتِهَا بِالمَعْرُوفِ، أَيْ مُحْسِناً صُحْبَتَهَا، وَإِمَّا أَنْ يَعْزِمَ عَلَى مُفَارَقَتِهَا بِمَعْرُوفٍ، دُونَ مُشَاتَمَةٍ وَلا تَعْنِيفٍ، بَلْ يُطَلِّقُهَا عَلَى أَحْسَنِ وَجْهٍ، وَيُؤَدِّي إِلَيهَا حُقُوقَهَا كَامِلَةً مِنْ مَهْرٍ وَنَفَقَةٍ وَمُتْعَةٍ حَسَنَةٍ، وَيَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ بإِشْهَادِ رَجُلَينِ مِنْ ذَوِي العَدْلِ مِنَ المُسْلِمِينَ فِي حَالَتي الطَّلاقِ وَالرَّجْعَةِ، حَسْماً لِلنِّزَاعِ، فَقَدْ يَمُوتُ الزَّوْجُ فَيَدَّعِي الوَرَثَةُ أَنَّهُ لَمْ يُرَاجِعْهَا، فَيَحْرِمُوهَا مِيرَاثَهَا، وَمَخَافَةَ أَنْ تُنْكِرَ المَرْأَةُ عِدَّتَهَا فَتَقْضِي عِدَّتَهَا وَتَنْكِحَ زَوْجاً آخَرَ. وَيَأْمُرُ اللهُ المُؤْمِنِينَ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الحَقِّ إِذَا اسْتَشْهِدُوا، وَبِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ إِذَا دُعُوا لأَدَائِهَا.
وَهَذَا الذِي أَمَرَ اللهُ بِهِ عِبَادَهُ المُؤْمِنِينَ هوَ عِظَةٌ لِمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليومِ الآخَرِ لِيَعْمَلَ بِهَا، وَيَسيرَ عَلى نَهْجِها.
وَيُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ المُؤْمنينَ أَنَّهُ مَنِ اتَّقَى مِنْهُمُ اللهَ بِمُراعاةِ ما فُرِضَ عَليهِ في أَمْرِ المُطلَّقَاتِ والمُعْتَدَّاتِ، جَعَلَ لَهُ مَخْرَجاً مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ مِنَ الغَمِّ، وَيُفَرِّجُ عَنْهُ ما يَعْتَرِيهِ مِنَ الهَمِّ والكَرْبِ.
بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ- قَارَبَتْ عِدَّتُهُنَّ عَلَى الانْقِضَاءِ.
مَخرجاً- مِنْ كُلِّ شِدةٍ وَضِيقٍ.


{وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)}
{بَالِغُ}
(3)- وَمَنِ اتَّقَى اللهَ جَعَلَ اللهُ لَهُ منْ أَمْرِهِ مَخْرَجاً وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ، وَلا يَخْطُرُ لَهُ عَلَى بالٍ، وَمَنْ يَكل أَمْرَهُ إِلَى اللهِ، وَيُفوّضْهُ إِلَيهِ كَفَاهُ اللهُ مَا أَهَمَّهُ وَأَغَمَّهُ فِي دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ، وَاللهُ مُنْفِذُ أَمْرِهِ وَأَحْكَامِهِ فِي خَلْقِهِ وَقَدْ جَعَلَ لِكُلِّ شَيءٍ مِقْدَاراً وَوَقْتاً، فَلا تَحْزَنْ يَا أَيُّهَا المُؤْمِنُ إِذَا فَاتَكَ شَيءٌ مِمّا كُنْتَ تَرْجُو وَتُؤمَلُ، فَالأُمُورُ مُقَدَّرَةٌ بِمَقَادِيرَ خَاصَّةٍ، {وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ}.
فَهُوَ حَسْبُهُ- فَهُوَ كَافِيهِ مَا أَهَمَّهُ وَأَغَمَّهُ.
قَدْراً- أَجَلاً يَنْتَهِي إِليهِ، أَوْ تَقْديراً أَزَلاً.
لا يَحْتَسِبُ- لا يَخْطُرُ لَهُ عَلَى بَالٍ وَلا فِي حِسَابٍ.

1 | 2 | 3 | 4